وقفة مع النفس



حملت القلم و فتحت الدفتر .. أحس برغبة في الكتابة .. بحث عن موضوع يثيرني لم أجد .. كررت العملية مرة أخرى لكن بدون جدوى .. أطرقت هنيهة  و قررت فيها التجول في نفسي لعلي أروح عنها و استطع الخروج من دوامة هذا الشعور الذي يحتل عقلي و قلبي و تفكيري .. شعور أعجز تقريبا عن ترجمته إلى كلمات مقروءة لها معنى .. شعور يختلط فيه القرف بالحزن بالتعجب .
قرف ..
قرف من الدنيا .. من الناس .. من نفسي .
قرف من البشر الذين لا يرون حرجا في لعق أحذية بعضهم البعض .
الفقير يلعق حذاء الغني .. الغني يلعق قدم الذي أغنى منه ليزداد غناه و يسمن رصيده في البنك ليمكنه من ولوج نادي لعاق الأحذية المحترفون .
الفتى يلعق كعب الفتاة من اجل لحضة حقيرة من اللذة أو لحضتين .

تعجب ..
أتعجب من نفسي عندما ضننت أني يوسف و اقتحمت دار العزيز .. من شرطي المرور عندما أحدته و أحس كأني أحدت إمبراطور من شدة تكبره .
أتعجب من الذين يضنون أن المغرب حديقة منزلهم الخلفية .. يتوارثون المناصب كما يورث الجد شجرة زيتون لحفيده .
أتعجب عندما تتحول الأسماء العائلية إلى صك من صكوك الغفران .

حزن ..
أحزن عندما أرى – الحكرة - تمارس بأنواعها على أناس بسطاء لا حول لهم ولا قوة ولا ذنب لهم سوى أنهم بسطاء .
احزن على أمة صارت لا تقرأ إلا كتب الخنوع و التضعضع .. ولا تالف إلا كتب الترهيب من الجلاد و مجلدات الخوف .
أحزن عندما أرى شاب لا هم له في الحياة سوى شعره و ملابسه و لا هدف له غير الرفع من عدد الفتيات اللواتي عرفهن .. و حين أرى فتاة ترقص التيك تونيك .
أكاد أموت حزنا عندما أشاهد –زبالة- من أموالنا تبدد على مهرجانات –العلوة- وما جاورها .. وعلى مغنين أكل فوقهم الدهر و شرب يتغنون كل سنة بنفس الأغاني و بنفس الطريقة –  للمجمر و عيشة -  و إخوانها من السادات .

أسمع صوتا ما يناديني من الخارج .. تزداد رغبتي في الكتابة و يزداد طنين الصوت في أدني حتى صار يزعجني .. لا خيار أخر لي سأضع نقطة النهاية لهذه التدوينة و سأنصرف .
                                                                                   
   السلام ..